لا يعود المرء للكتابة وهو بخير.. الذي يكتب يعالج نفسه من شيءٍ ما.
أمي
الحصول على الرابط
Facebook
X
Pinterest
بريد إلكتروني
التطبيقات الأخرى
-
حتى أن مقتنيات أمي تشبه قلبها، هاتفها لا تنفذ بطاريته مهما استهلكته وانهكته، حقيبتها لا ينضب خيرها، تأكل وتشرب وتتدواى منها وقد تتسع لتحملك فيها، معطفها قادر على أن يدفئ شتاء العالم ، يداها تجيد الطبخ وخياطة ثوبي وإصلاح الأشياء.... وقلبي.
فوق تختي ع اليمين في برداية بيضا، كل يوم الصبح ، قبل ما يجي أبو ريمون ، كانت إمّي تفيّقني بالشمس، تفتح البرداية وتجي الشمس عليّي، فيق ع مهلي، إنزعج من الشمس مش من إمّي. تحت تختي في شنطة سفر كبيرة، أخدتها معي لما سافرت إدرس بفرنسا زمان ، بعدني مرّات بخاف منها، بسمع إنّ الولاد الأجانب بخافوا من الوحوش تحت التخت، نحن منخاف من شنط السفر، الوحوش مش موجودة غير بالقصص، بس الشنط بتاكل القصص أول مرّة اشتريت صبّاط رسمي كنت بالرابع، كان عنّا حفلة آخر السنة وبالرقصة لازم نلبس قميص وصبّاط رسمي. بذكر وقتها فقت لحالي، قبل الوقت وقبل الشمس، كنت ناطر إلبس الصباط بلكي بصير زلمي متل بيّي. كان المسرح مليان، كل الأهالي معزومين، كنت كتير مبسوط بالرقصة، طول الوقت عيوني ع أهلي، كانوا بآخر القاعة بس أقرب من الكل. خلصت الرقصة وركضت صوب إمّي، غمرتني وقالتلي يقبرني أجمل شب بالمدرسة. فجأة بيركض لعندي رفيقي، كان منيح بس سئيل شوي، قلّي انت كنت لابس الصباط بالمقلوب، وصار يضحك. ما بنسى هيديك اللحظة، اتطلعت بالصبّاط لقيته فعلا بالمقلوب، مدري من التوتر مدري من الحماس، بس للي بعرفه إني صرت إبكي، حسيت القاعة كل...
.لم أتكلم كثيرًا منذ بداية الحرب. أعيش هنا وحدي وليس عندي الكثير من الأصدقاء العرب كما أني أحاول قدر المستطاع ألّا ألعب دور الضحية مع أصدقائي الأجانب. صمت طويل خيّم عليّ منذ عشرة أيام، أشارك رأيي مكتوبًا عبر مجموعات الواتساب، لكن كلامي بقي حبيس شاشة صغيرة، هي نافذتي الوحيدة المُطِلَّة على ذاكرتي وهي تتمزق إلى أن خرق أحدهم صومي عن الكلام، وذلك أثناء اجتماع عمل يضم جميع العاملين في الشركة. سألتني إحدى الزميلات عن عائلتي، وعمّا إذا كانوا في مأمن من كل ما يحدث. نظرت حولي فرأيت وجوهًا تترقّب حديثي بنوع من الفضول، وهنا نطقتُ بأول كلمة مسموعة لي منذ بداية الحرب. قلتُ إن عائلتي في مكان آمن، لكنهم ليسوا بخير. يسكنون في منزل لا يزال قيد الإنشاء، في منطقة ترتفع عن سطح البحر أكثر من ألف متر. عائلتي تشعر بالبرد رغم جميع محاولاتي اليائسة لإيجاد مكان دافئ لهم. هنا انفجرت بالبكاء. لم أكمل حديثي، وضعتُ رأسي بين يديّ وبكيت بحرقة. أظنه انهياري الأول منذ ولادتي، في العادة أجيد التحكم جيدًا، أتقن لعبة الهروب عبر رمي النكات يمنة ويسرة، لكنني حينها كنت عاجزًا تمامًا عن الهروب، كان وجه أمي يسكنني، ...
ستّي عم إكتبلِك لأني ما بعرف إزعل إلّا هيك. بيقولوا لما نكتب منرتاح، قلت بجرّب، شو خسران؟ عاجقة عندك اليوم، وأنا حاطط كرسي حد شجرة التوت، حبيبة قلبك، مرة سمعتك عم تحكي معها، استغربت وقتها، كنت صغير، سألت إمي اذا التوت بيسمع، قالتلي إمي لاء، نحن منحب نحكي وما حدا يسمعنا، منرتاح هيك، بس من الصبح في زهر توت بالجو، يمكن إمي غلطانة، تاري التوت مش بس بيسمع، بيشتاق، بيزعل، وبيبكي كمان... تتذكري يا ستّي وقت كنت نام عندك وكون بدي انزل عبيروت؟ كنت إمشي من البيت بكير كتير، الكل نايم إلا إنت، فايقة عم تصلّي، كنتِ تسأليني إذا صلّيت، وأنا كذّب وقول إيه، كنتِ تقوليلي مشوارك طويل، ع آخر الدنيا، أوعك تنسى تصلي . تاري معك حق يا ستي، بتعرفي كم مرة ندمان إني ما صلّيت ؟ بس بيروت مش آخر الدنيا، طلع في دنيا أبعد من بيروت، دنيا كبيرة، وبعيدة، أنا سافرت مرة وشفتها، وقتها قلتلك بدي آخدك معي ع فرنسا، صرتي تضحكي، ما كنت عم كذّب، لو بعدك هون كنا رحنا،، وما تخافي، قبل ما نروح منصلّي ... قبل ما ودعك، بدي اعترفلك بشي. مرة كنت بالصف السابع، جيت من المدرسة لقيتك قاعدة برا، كنتِ زعلانة، سألتك شو بكِ، قلتيلي ...
تعليقات
إرسال تعليق